الاثنين، 3 يونيو 2013

اتفاقيه نيويورك 1958 بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية


 اتفاقيه نيويورك 1958 بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية



أخذ كبار الحقوقيين في العالم يبحثون عن تحقيق خطوة تالية بعد اتفاقية جنيف لسنة 1927 م على طريق التحكيم التجاري الدولي تعفي سلطان الإرادة في هذا التحكيم من القيود التي يفرضها التحكيم الداخلي في كل بلد.


ولتحقيق هذه الغاية ومن أجل وضع قواعد دولية جديدة تسهل الاعتراف بأحكام التحكيم وتُعجل في تنفيذها، تبنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة مشروعاً جديداً لاتفاقية دولية وقرر في عام 1956 عقد مؤتمرا دوليا لإقرار اتفاقية دولية جديدة حول الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية بدلا عن اتفاقية تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية ( جنيف 1927 ).و أنعقد المؤتمر في نيويورك بتاريخ 30 آذار مارس عام 1958 وخلُصت مناقشات المشاركين 
القانونيين ومندوبي الدول في 10 حزيران يونيو 1958 إلى إقرار اتفاقية جديدة بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية والمعروفة باسم " اتفاقية نيويورك 1958 ". وبتاريخ 7/6/1959 دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ .


لقد لاقت اتفاقية نيويورك إقبالاَ واسعاَ للانضمام إليها من مختلف البلدان  حيث بلغ عدد الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية  حتى منتصف العام الجاري 2010(142) دولة منها (15) دولة عربية هي ( الأردن ، الإمارات ، البحرين ، تونس، الجزائر ، سوريا ، جيبوتي ، عُمان ، قطر ، الكويت ، لبنان ، مصر ، المغرب ، المملكة العربية السعودية ، موريتانيا ) . 
  

نصت اتفاقية نيويورك في المادة (3) منها على أن " تعترف كل الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم ، وتأمر بتنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة في الاقليم المطلوب إليه التنفيذ ، وطبقاً للشروط المنصوص عليها في المواد التالية " .

 
وبذلك تكون اتفاقية نيويورك قد أحالت تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إلى قواعد المرافعات في بلد التنفيذ ،

ولكنها أضافت إلى ما كان عليه الحال في اتفاقية جنيف 1927م تكملة أساسية وجوهرية وفرت لحكم التحكيم الدولي فرصاً أفضل للتنفيذ ، إذ نصت " ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التي تطبق عليها أحكام الاتفاقية الحالية شروطاً أكثر شدة ولا رسوماً قضائية أكثر ارتفاعاً بدرجة ملحوظة من تلك التي تفرض للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين " . 


إن اتفاقية نيويورك وهي تقر بتنفيذ الأحكام التحكيمية الأجنبية وفقاً لقواعد المرافعات المطبقة في البلد المطلوب التنفيذ فيه ، إنما تكون قد حالت بهذا النص أي تفريق بين حكم التحكيم الأجنبي وحكم التحكيم الداخلي ، فوجود هذا النص الذي أصبح يطبق على حكم التحكيم الداخلي هو نفس ما يطبق على حكم التحكيم الأجنبي من قواعد للتنفيذ أي أن اتفاقية نيويورك حققت مساواة أحكام التحكيم الداخلية بأحكام التحكيم الأجنبية . 


وبموجب اتفاقية نيويورك فإن أحكام التحكيم لا تقتصر على تحكيمات الحالات الخاصة (ad hoc) فحسب بل تشمل كذلك التحكيمات التي تتم لدى مراكز ومؤسسات التحكيم الدائمة ، حيث نصت الاتفاقية على أنه " يقصد بأحكام المحكمين ليس فقط الأحكام الصادرة من  محكمين معينين للفصل في حالات محددة بل أيضا الأحكام الصادرة من هيئات تحكيم دائمة يحتكم إليها الأطراف ( م.1-2) 
·  
أهم القواعد التي جاءت بها اتفاقية نيويورك تتلخص بالأتي:-
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

1-  معيار التفرقة بين حكم التحكيم الوطني وحكم التحكيم الأجنبي هو مكان صدور حكم التحكيم ، حيث ورد في المادة (1/1) من الاتفاقية ما يفيد " أن الحكم يعتبر أجنبيا إذا كان قد صدر في إقليم دولة أخرى غير الدولة التي يطلب منها الاعتراف وتنفيذ الحكم المذكور " . وجاء كذلك في معيار أخر وهو " إذا كان حكم التحكيم لا يعتبر من الأحكام الوطنية في الدولة المطلوب فيها الاعتراف وتنفيذ ذلك الحكم " . 

2.  الاتفاقية تطبق لدى دولة متعاقدة على"أحكام المحكمين التي صدرت في أراضي دولة أخرى متعاقدة متى كانت ناشئة عن منازعات بين أشخاص طبيعية
 أو اعتبارية" (م1-1).

3.  اتفاق التحكيم وفق هذه الاتفاقية، مشروط بأن يكون مكتوباً ... بصدد منازعات ناشئة عن علاقة قانونية تعاقدية أو غير تعاقدية، تتصل بموضوع يمكن تسويته عن طريق التحكيم... واتفاق التحكيم بمفهوم الاتفاقية شرط يرد في عقد أو اتفاق لاحق موقع عليه من الطرفين، أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة بينهما.(م2) .


4.  الاتفاقية لا تفرض على الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها شروطاً أكثر تشدداً أو أعباء أعلى بكثير مما يفرض على الاعتراف بأحكام التحكيم المحلية أو على تنفيذها .(م3) .



5.  إن أحكام هذه الاتفاقية لا تؤثر على صحة ما تعقده الأطراف المتعاقدة من اتفاقيات (متعددة أو ثنائية) تتعلق بالاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها، ولا تحُرم أي طرف من حق الاستفادة من أي حكم تحكيم يسمح به قانون الدولة المتعاقدة أو المعاهدات الدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها والذي يسعى فيه إلى الاحتجاج بهذا لحكم.(م7) .


6.  عدم إعطاء أي دولة متعاقدة الحق في استخدام هذه الاتفاقية في مواجهة أية دولة متعاقدة أخرى، إلا بقدر التزامها هي بتطبيق الاتفاقية .(م14) .

التحفظات التى تضعها الدوله المنضمة 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

7.  بموجب الاتفاقية، يحق لكل دولة عند التوقيع أو التصديق عليها أو الانضمام إليها " أن تصُرح على أساس المعاملة بالمثل أنها ستقصر تطبيق الاتفاقية على الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الصادرة على إقليم دولة أخرى متعاقدة ".


8.  وتجيز الاتفاقية لكل دولة، أن تصُرح عند انضمامها، بأنها" ستقصر الاتفاقية على المنازعات الناشئة عن روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية التي تعتبر تجارية وفقاً لقانونها الوطني" (م1-3) .
استبعاد قضايا الأحوال الشخصيه  او قضايا العمل 
معيار التجاريه يعتمد على القانون الداخلى للدوله المطلوب تنفيذ قرار التحكيم فى أراضيها 


9.  حددت الاتفاقية في المادة الخامسة منها حصراَ بالحالات التي يمكن
من خلالها رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي .
،،،،،،،،ً،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

وهذه الحالات تقسم إلى قسمين: 
الأول منها هي الحالات التي يتم فيها رفض الاعتراف والتنفيذ للحكم بناء على طلب الخصم الذي صدر ضده حكم التحكيم وذلك إذا اثبت تحقق إحدى الحالات التاليه : 

١-· أن أطراف اتفاق التحكيم كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم (م.5-1-أ )؛

٢--اوأن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه (م.5-1-ب )؛ 

٣--او·  أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم أو في عقد التحكيم أو تجاوز حدودهما فيما قضى به . ومع ذلك يجوز الاعتراف وتنفيذ جزء من الحكم الخاضع أصلاً للتسوية بطريقة التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء الحكم غير المتفق على حلها بهذا الطريق (م.5-1-ج ) 

٤--او أن تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم مخالف لما اتفق عليه الأطراف أو لقانون البلد الذي تم فيه التحكيم في حالة عدم الاتفاق (م.5-1-د )

٥--او·  أن الحكم لم يصبح ملزماً للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة 
في البلد التي فيها أو بموجب قانونها صدر الحكم.(م.5/1-هـ ) 


أما القسم الثاني
متروك المحكمه المختصة 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،ًًًًً،،،،،،،،،،،،،،،،،،
من حالات رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي التي نصت عليها الاتفاقية فقد تُركت لتقدير المحكمة المختصة حيث يمكنها رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إذا تبين لها :
١---- أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم ،

٢---او أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد. (م-5/2) .


كما يمكن لمن صدر حكم التحكيم ضده التذرع بهذين السببين. وأي حالة تتحقق من الحالات التي أوردناها فيما سبق فإن قاضي التنفيذ لدى المحكمة المختصة في البلد التي يطلب إليها الاعتراف بالحكم التحكيمي وتنفيذه يكون هذا القاضي مُلزما بالامتناع عن إعطاء صيغة التنفيذ أو الاعتراف بهذا الحكم.


وهكذا يلاحظ أن من بين أهم ما جاءت به اتفاقية نيويورك ، أنها قلبت قواعد الاثبات ونصت على عدم جواز رفض وتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي إلا إذا قدم المنفذ ضده للمحكمة المختصة في الدولة المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ دليلاً وإثباتاً يهدم حكم التحكيم

. وقد حددت هذه الحالات على سبيل الحصر .
فأصبح بذلك حكم التحكيم الأجنبي قائماً بذاته يحمل طابع التنفيذ ولا يشترط في من يطلب تنفيذ الحكم التحكيمي سوى أن يرفق بطلبه
أصل الحكم أو صورة منه وأصل اتفاق التحكيم " شرط او مشارطه "أو ما  تضمنته الخطابات أو البرقيات المتبادلة أو صورة تجمع الشروط المطلوبة لرسمية السند
وكذا ترجمة هذه المستندات والأوراق إلى لغة الدولة الرسمية المطلوب إليها تنفيذ حكم التحكيم . وبذلك يصبح الحكم التحكيمي الدولي يحمل صحته ، دون حاجة لإخضاعه لأية شكليات أو إجراءات أو مصادقات . 


والاعتراف بحكم التحكيم  وفقاً لمقاصد اتفاقية نيويورك ، لا يعني إكراه من صدر الحكم ضده على تنفيذ مضمون الحكم ، بل بأن تعترف السلطة القضائية ممثلة بقاضي التنفيذ في المحكمة المختصة بهذا الحكم ، واعترافها يعني في المقام الأول والأخير أن هذا الحكم يعتبر إلزامي وأن له قوة الأمر المقضي وأن النقاط التي حسمها حكم التحكيم الأجنبي لا يجوز إعادة بحثها لا من القضاء ولا من التحكيم 
·

إبطال حكم التحكيم المخالف للنظام العام : 
أصبح موضوع النظام العام في الوقت الراهن يطرح من زاوية التحكيم الداخلي الذي يختلف عن التحكيم الدولي ، فإذا كان التحكيم الداخلي يتعلق بموضوع التجارة الداخلية فإن التحكيم الدولي يجاوز حدود الدول وتتعدد فيه الجنسيات والبلدان ويضع في الميزان مصالح التجارة الدولية . 


نصت اتفاقية نيويورك على أنه يحق للمحكمة المختصة إبطال حكم التحكيم إذا تبين لها أن حكم التحكيم يتعارض مع السياسة العامة لهذه الدولة حيث جاء في المادة (5/2/ب )  من الاتفاقية "يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها : ...

 
ب- أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد " 
يقول الدكتور / عبدا لرزاق السنهوري في شرح مفهوم النظام العام :

 
(( المسألة لا يجدي فيها نص تشريعي، وهي من أكثر المسائل القانونية تعقيداً فنحن نريد أن نعرف ما إذا كانت قاعدة قانونية معينة تتعلق بنظام المجتمع الأعلى ، حتى يخضع لها الجميع ولا يجوز لأحد أن يخالفها ، أو هي قاعدة اختيارية ، لا يهم المجتمع ان يأخذ بها كل الناس ، وكل شخص حر في إتباعها أو في تعديلها كما يشاء . 


وما هو هذا النظام الأعلى للمجتمع الذي يتحتم على كل عضو عدم الخروج عليه ؟ يوجد دون شك من القواعد القانونية ما يحقق مصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع . وهذه المصلحة أما أن تكون سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية . والمصلحة الخلقية هي التي تقوم عليها الآداب العامة ، ومن ذلك نرى أن دائرة النظام العام واسعة فهي تشمل الآداب . 

فمثل المصلحة السياسية ما تقوم عليه روابط القانون العام من دستورية وإدارية ومالية ، فان أكثر روابط هذا القانون تعتبر من النظام العام . وكذلك المصلحة الاجتماعية وما تقوم عليه قواعد القانون الجنائي، ومن هذه القواعد أيضا ما يحقق مصلحة عامة خلقية . وهناك من روابط القانون الخاص ما يحقق مصلحة عامة اجتماعية كما في كثير من القواعد القانونية المتعلقة بالعمل ، أو مصلحة عامة اقتصادية كما في القواعد التي تجعل التنافس حر مفتوحا بابه للجميع . 


ونرى من ذلك أن النظام العام والآداب هما الباب الذي تدخل منه العوامل الاجتماعية والاقتصادية والخلقية ، فتؤثر في القانون وروابطه ، وتجعله يتماشى مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية والخلقية ، وتتسع دائرة النظام العام والآداب او تضيق تبعا لهذه التطورات ، وطريقة فهم الناس لنظم عصرهم ، وما توافقوا عليه من آداب ، وتبعا لتقدم العلوم الاجتماعية . 
كل هذا يترك للقاضي ، يفسره التفسير الملائم لورح عصره ، فالقاضي يكاد إذن يكون مشرعاً في هذه الدائرة المرنة ، بل هو مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم امته الأساسية ومصالحها العامة )) . 



ليست هناك تعليقات: