الاثنين، 3 يونيو 2013

اتفاقيه جنيف ١٩٢٧



                       بروتوكول جنيف لسنة 1923 واتفاقية جنيف لسنة 1927
 
بعد إنشاء غرفة الدولية بباريس ومحكمة التحكيم التابعة لها، كان على القائمين على هذا الصرح الدولي المتميز، دفع عصبة الأمم مرة أخرى إلى إيجاد آلية قانونية بواسطتها يتم الاعتراف بالتحكيم، وإعطاء الاتفاق القاضي باللجوء إلى التحكيم المشروعية، وكان إصدار بروتوكول جنيف في 24 شتنبر 1924، الذي بموجبه تعترف الدول المتعاقدة[1] باتفاق التحكيم أو شرط التحكيم.
ويتألف البروتوكول من ثمان مواد[2]، عالجت الأولى اعتراف الدول باتفاق التحكيم سواء الذي يتم قبل حدوث النزاع أو بعد نشوئه كما أوجب أن يكون طرفا الاتفاق ينتميان إلى دولتين من الدول التي صادقت على البروتوكول، ويمكن أن يسري اتفاق التحكيم على المنازعات التجارية وغير التجارية، إلا أنه يمكن لأي دولة متعاقدة حصر الاعتراف باتفاق التحكيم في المنازعات التجارية فقط وحسب مفهوم قانونها الوطني  لمصطلح التجارة.
والتحكيم طبقا للبروتوكول يمكن أن يكون في بلد غير متعاقد، أما المادة الثانية منه فقد نظمت إجراءات التحكيم و منها يظهر كيف تم احترام إرادة الطرفين في تنظيم عملية التحكيم وكذلك قانون البلد الذي يجري على أراضيه والمادة الثالثة تلزم الدول المنظمة إلى البروتوكول بتتفيد الأحكام الصادرة على أراضيها طبقا لقانونها الوطني.
أما المادة الرابعة فتتعلق بالتزام المحاكم الوطنية رفض النظر في الدعاوى التي يوجد بشأنها اتفاق التحكيم، وإحالة طرفي النزاع على التحكيم كلما طلب أحدهما ذلك.
أما المواد الأخرى فتتعلق بأمور الانضمام إلى البروتوكول أو الانسحاب منه.
وبعد مرور سنوات قليلة على العمل ببروتوكول جنيف رأت عصبة الأمم تحت ضغط الواقع العملي الذي أبان عن ثغرات في  فيه تتعلق أساسا بتنفيذ أحكام التحكيم، تم إقرار اتفاقية لتنفيذ الأحكام التحكيمية الأجنبية في جنيف في 26 شتنبر 1927[3]، وهي عبارة عن قواعد مكملة للبروتوكول السابق تم تنظيمها في 11 مادة.
وتتعلق هذه الاتفاقية باعتراف الدول المتعاقدة بحجية أحكام التحكيم وتنفيذها كلما توفرت الشروط المذكورة في المادة الأولى منها. وهي بإيجاز:
- أن يكون الحكم قد صدر وفقا لاتفاق تحكيم صحيح (شرط أو مشارطة)
- أن يكون موضوع النزاع قابلا لحسمه بالتحكيم وفقا لقانون البلد المطلوب منه الاعتراف وتنفيذ الحكم.
- أن يكون الحكم قد صدر من قبل هيئة تحكيم تم تشكيلها بناء على مشارطة أو شرط تحكيم، أو كان تشكيلها تم باتفاق الأطراف وطبقا للقانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم.
- أن يكون الحكم قد أصبح نهائيا في البلد الذي صدر فيه.
- أن لا يكون الاعتراف وتنفيذ الحكم مخالفا للنظام العام أو لمبادئ القانون العام في الدولة المراد منها الاعتراف به وتنفيذه.
كما أن المادة الثانية قد أوردت حالات رفض تنفيذ الحكم التحكيمي وهي:
- إذا كان قرار التحكيم قد تم إبطاله في البلد الذي صدر فيه.
- إذا كان الطرف المحكوم ضده لم يتسن له تقديم دفاعه أو كان ناقص الأهلية اللازمة...
- إذا تعلق الحكم بنزاع لا يشمله اتفاق التحكيم...
بالرغم من الانتقادات الموجهة إلى بروتوكول جنيف واتفاقية جنيف بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، والعدد القليل من الدول التي لم تقتنع بأحكامها خاصة الاتفاقية الأخيرة، إلا أن هذا العمل الذي تم في ظل عصبة الأمم يعتبر بحق اللبنة الأساسية في انطلاق التحكيم التجاري الدولي وانبعاثه من جديد، وعلى خطى عصبة الأمم سارت الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فكان الاهتمام الأكبر بتنظيم التحكيم التجاري الدولي في عدة اتفاقيات دولية على النحو الذي يلي:
 
                     اتفاقية الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية (نيويورك 1958)
 
مع ازدياد التعامل التجاري الدولي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحت إلحاح المتعاملين على مسرح التجارة الدولية، كان لابد من إيجاد حل مرن لمشاكل تنفيذ أحكام التحكيم، بالرغم من تناول بروتوكول جنيف، واتفاقية جنيف لهذا الموضوع، فالانطباع السائد كان هو صعوبة تطبيق أحكامها، لكثرة الشروط التي تميزها خاصة الاتفاقية المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم[4].(1927).
كما أن العديد من الدول التي لها وزنها في التجارة الدولية لم تصادق عليها كالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي سابقا،[5] وقد تظافرت جهود غرفة التجارة الدولية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة لإيجاد قواعد جديدة للاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم، إلى أن تم انعقاد مؤتمر دولي في نيويورك، تمخض عنه إقرار الاتفاقية المعروفة باتفاقية نيويورك بشان الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، التي أصبحت نافذة ابتداء من 4- شتنبر 1959.
ولمرونة أحكام اتفاقية نيويورك[6] لقيت قبولا واسعا من طرف العديد من الدول ومن جميع القارات[7] وقد انضمت عدد من الدول العربية إليها وهي المغرب[8]، مصر، الأردن، سوريا، الجزائر، البحرين، جيبوتي، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان والكويت.
تتكون هذه الاتفاقية من 16 مادة عالجت فيها مسألة الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في الدول المتعاقدة.

[1] - صادقت على البروتوكول 53 دولة، منها دولة العراق ، انظر د. فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي ، م.س.ص 464.
[2] - للمزيد من المعلومات عن بروتوكول جنيف راجع د. فوزي محمد سامي التحكيم التجاري الدولي م.س.ص 32  وما بعدها.
[3] - صادقت على هذه الاتفاقية 24 دولة فقط حسب ما أورده د. سامي محمد فوزي في كتابه التحكيم التجاري الدولي م.س.ص 35، أما بروتوكول جنيف '1923 فقد صادقت عليه 53 دولة ويلاحظ عدم إقبال الدول على هذه الاتفاقية.
[4] - د. سامي محمد فوزي، التحكيم التجاري الدولي م.س.ص 36.
[5] - أحمد صالح مخلوف، اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية  منازعات التجارة الدولية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، شتنبر 2000، ص 6.
[6] - انعقد المؤتمر الذي دعا إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في 20 مارس 1958 ودام عشرون يوما وهذا ما يفسر أهمية هذه الاتفاقية من حيث غنى المناقشات التي دارت بشأنها .
[7] - إلى غاية 2001 انضمت إلى الاتفاقية 133 دولة حسب ما ورد في هامش ص 431 من كتاب د. بشار محمد الأسعد، عقود الاستثمارا في العلاقات الدولية الخاصة، منشورات الحلبي الحقوقية ط 1 عام 2006.
[8] - انظم المغرب  إلى هذه إلى اتفاقية في 12-2-1959، انظر في شأن الدول المنظمة إلى اتفاقية نيويورك وتواريخ هذا الانضمام .د. خالد محمد القاضي موسوعة التحكيم التجاري والدولي، دار الشروق بدون تاريخ نشر، ص 578 وما بعدها.


 

ليست هناك تعليقات: